الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة صراع "دولة" الترجي و"شعب" الافريقي منذ زمن بورقيبة : من سيحسم دربي "البرستيج" و"الزعامة التاريخية"؟

نشر في  23 ديسمبر 2014  (16:04)

غالبا ما كانت مواجهات الدربي مقياسا للحكم على مستوى هذه البطولة أو تلك، وكلما احتدم التنافس في القطب الأبرز، كلما ارتفعت قيمة هذا الدوري في مؤشر التصنيفات الكرويّة..ومن هذا المنطلق حظي لقاء الأجوار بين الترجي الرياضي والنادي الافريقي باهتمام كبير تاريخيا استنادا الى صراع أزلي بين الجارين في باب سويقة وباب الجديد ومنهما امتدت الشعبية الجماهيرية لكلا الفريقين في مختلف أرجاء الجمهورية.
وبقطع النظر عن أفضلية ظرفية لهذا الطرف أو ذاك بين موسم ونقيضه، فان سحر المواجهة لم يتقلّص بين قطبي الكرة التونسية وصاحبي أكبر قاعدة جماهيرية وهذا ما عدنا اليه بالتفصيل التاريخي للجدل القائم بين "دولة" الترجي و"شعب" الافريقي.
وفي هذا السياق قال الدكتور محمد الجويلي المختصّ في علم النفس الاجتماعي وصاحب البحوث والدراسات في المجال الرياضي ان مصطلح دولة الترجي جاء بناء على ارتباط نشأة الفريق بالحركة الوطنية التونسية، ولهذا ظلّ اسم فريق شيخ الأندية التونسية رديفا لمصطلح "الدولة" خاصة أن الزعيم حبيب بورقيبة كان من الأطراف الفاعلة والحاضرة بين المبادرتين..

تحرّكات مثقفي الحاضرة

وفي سياق مواز، كان ظهور النادي الافريقي متزامنا مع بروز حركة من المثقفّين في "الحاضرة" ممن ربطوا رمزية النشأة مع القيام ببعض التظاهرات الفنية والمسرحية..وتبعا لذلك تواصل التجاذب بين الفريقين الى حدود ما بعد مرحلة الاستعمار، وبعد الاستقلال وحتى يتمّ اضفاء طابع خاص للسجال بين الجارين، فان الأفارقة صنّفوا فريقهم على أنه نادي الشعب كي يكون موازيا لنفوذ الدولة وارتباط الترجي بالحزب السياسي الحاكم كما أراد بورقيبة ذلك..
في مرحلة تلت ذلك، واثر صعود الشاذلي زويتن الى سدّة الرئاسة في الترجي، فانه سعى قدر الامكان الى ابعاد بورقيبة عن الواجهة، غير أنه بقدوم حسان بلخوجة واندلاع أحداث نهائي الكأس سنة 1971 ضدّ النادي الصفاقسي والتي كان خلالها الطاهر بلخوجة طرفا في الصراع، فان حرارة العلاقة عادت بين الترجي وبورقيبة، فيما تواصل المدّ والجزر مع رجالات الافريقي ممن سعوا دائما لأن يكون ناديهم "ثائرا" رياضيا ضد نفوذ السلطة...

بهارات بن شيخة تزيد في التنافس

أكد الأستاذ محمد الجويلي أن الصراع التاريخي بين الجارين والذي يبقى "البرستيج" محوره الأساسي بحثا عن "الزعامة التاريخية"، شهد عديد التطورات ومنها كلام المدرب الجزائري عبد الحق بن شيخة الذي أجاد العزف على وتر الكلمات والمشاعر بمصطلح "شعب الافريقي" وهذا ما أعطى لدربي العشرية الأخيرة رونقا لا مثيل له وجعل عديد المؤثرات تزيد في حدة التنافس -ولو بالكلام والشعارات- لتغطية تدنّي المستوى الفنّي الذي تظهره الأقدام..

صراع عابر للقارات

شعبية الترجي والافريقي الجارفة مرّت الى عديد البلدان المجاورة وهو ما جعل دربي العاصمة يستأثر باهتمام كبير وتنامت معه القاعدة الجماهيرية للطرفين...وهذا ما يعتبره الأستاذ الجويلي نسخة مماثلة لما يجري في أقوى الدوريات بالعالم على غرار التنافس التاريخي بين ريال مدريد "ملكي" منذ عهد الجنرال فرانكو وبرشلونة باتت اقليما منفصلا للكتالونيين..أو صراع الشمال-جنوب في فرنسا بين باري سان جرمان وأولمبيك مرسيليا في دربيات عابرة للقارات حتى الى حدود الأرجنتين مع بوكا جونيور وريفر بلايت...

طارق العصادي